مرت منذ أيامٍ ذكرى وفاة الشاعر السوري رياض الصالح الحسين الحادية والأربعين، فقد رحل رياض في العشرين من شهر تشرين الثاني العام 1982 بحسب المقدمة التي كتبها الشاعر منذر مصري بعنوان سيرة موت ناقص لمجموعة أعمال رياض الكاملة التي أصدرتها دار المتوسط في العام 2016. رحل رياض عن ثمانية وعشرين عاما وهو المولود في 10/آذار العام 1954 في مدينة درعا غير أن عائلته تنحدر من بلدة مارع شمال حلب. ألحت علي فكرة أن أكتب أو أسجل شيئا عن رياض، لكن لم أعرف ماذا يجب أن يكون، كي يكون شيئا مميزا وهو الشاعر السوري الوحيد على الإطلاق الذي أحببته وأحببت شعره وقرأته كله بدواوينه الأربعة منذ أن عرفته ولم يغير من محبتي له شيء على مر السنين وما زلت أعود إليه وإلى قصائده طوال الوقت وأذكر أني أول ما عرفته كان بعد أن تخرجت من معهد المهن النفطيه والمعدنية في مدينتي حمص في العام 1993 وعينت في مستودعات شنشار التي تقع على الطريق الذاهب من حمص إلى دمشق وهناك في شنشار أعارتني زميلة لي وكانت هي تكتب الشعر أيضا وصدر لها ديوان واحد على حد علمي ، ديوان رياض وعل في الغابة وهو الديوان الأخير الذي صدر بعد وفاته بعام، أو أنه ديوان بسيط كالماء واضح كطلقة مسدس؟ لست متأكدة، لكنه كان ديوانا صغيرا مربع الشكل دونت منه في دفتري عندما لم يكن هناك بعد كمبيوترات وموبايلات وكنا ندون على دفاترنا بأقلامنا وبخط يدنا، لكني أذكر قصيدة الحب مدونة على دفتري وهي التي يقول فيها
الحب ليس غرفة للإيجار
نتركها ببساطة و نرحل
مخلفين الصور القديمة و الغبار
و أعقاب السجائر
الحب ليس أغنية جميلة
نتعلمها بغتة، و ننساها بغتة
كما ننسى، عندما نكبر،
الطفولة و اللعب و حليب الأمهات
الحب ليس حبة أسبرين
نتناولها عندما نشعر بالصداع
و ليس نكتة خفيفة
نتداولها في أوقات الضجر
الحب ليس وردة للزينة
و لا كأسًا مكسورة لسلّة المهملات
الحب..
شهادة ولادة دائمة
نحملها برأس مرفوع
لنخترق شارع المذبحة.
في ذلك الحين وحتى بعد ذلك بسنوات طويلة صدقت رياض بقوله إن الحب ليس غرفةً للايجار، صدقت أن الحب بيتا نسكنه مطمئنين أن أحدا لن يخرجنا منه وحزنت كثيرا عندما تعلمت أن الحب بالفعل هو غرفة للايجار بل ربما حتى غرفة في فندق لبضع ساعات فقط، وحزنت لأن رياض كذب علي طوال تلك السنين، لكني عدت وفكرت، كي لا أظلمَه أنه هو نفسه كان مخدوعا أو مصدوما وكانت القصيدة بالنسبة له كما لو أنه يرفع الصوت احتجاجا لا يستطيع أن يقبل أن يكون الحب غرفة للايجار أو نكتة خفيفة أو أغنية جميلة أو وردة للزينة أو حبة اسبرين.أحببت أن تكون هذه الكلمات المتواضعة بمثابة شمعة أشعلها لراحة روح رياض و أن أقول لرياض من خلالها إنك ما تزال في قلبي وسوف أظل أقرأ قصائدك إحياء لذكراك ما حييت. فلترقد بسلام.
أضف تعليق